باراك يتحدي: لم ولن أعتذر لمصر


أبدت إسرائيل انزعاجاً كبيراً من تصرف الشاب المصري أحمد الشحات الذي استطاع أن ينزع العلم الإسرائيلي

من فوق السفارة الإسرائيلية واستبداله بالعلم المصري، واعتبرت ذلك تطوراً خطيراً وتدخلاً سافراً من جانب الثوار في السياسة الخارجية لمصر، خاصة علاقتها بإسرائيل.
وكتب تسيفي برنيل في «هاآرتس» مقالاً بعنوان «المعضلة المصرية»، قال فيه: «إن أفلام الفيديو القصيرة التي تنشر منذ أيام في الشبكات الاجتماعية والتي يهظر فيها أحمد الشحات بطل (قصة العلم) وهو ينزع العلم الإسرائيلي من علي مبني السفارة في الجيزة والمطالبات بطرد السفير الإسرائيلي، وإعادة السفير المصري إلي القاهرة كل هذه التصرفات تثبت أن العلاقات الإسرائيلية المصرية قد شرخت بشكل نهائي»، وأكد أن الأزمة بالفعل عميقة وقد وضعت المجلس العسكري الأعلي والحكومة المصرية المؤقتة أمام ضغط هائل ولكن إسرائيل الرسمية أبدت تجاهه عدم حساسية.
وأضاف أن المشكلة المصرية ليست فقط في كيفية الرد علي مقتل خمسة من رجال الجيش المصري بل ستضعنا أمام تساؤل من يقرر السياسة الخارجية لمصر؟ هل ميدان التحرير كتعبير جماعي عن حركات الاحتجاج وجملة الأحزاب الجديدة التي نشأت في أعقاب الثورة، لن يكتفي بتغيير النظام وسيصيغ من الآن فصاعداً المصالح الاستراتيجية والقومية للدولة، أم أنه سيسمح للنظام بأن يقرر خطوطه الحمراء ـ القومية والاستراتيجية، فالعملية في جنوب إيلات طرحت هذه المعضلة.
وأكد تسيفي أن إسرائيل تعلم جيداً أن هناك حواراً جديداً الآن بين المجلس العسكري المصري والثوار ينصت فيه فقط المجلس الأعلي وحتي الآن أبدي النظام مرونة وسخاء شديد تجاه «حركات الاحتجاج» ومن الواضح أنه سيواصل هذا التصرف مستقبلاً وذلك للحفاظ علي التأييد الجماهيري للجيش.
وأشار الكاتب الإسرائيلي إلي أن عملية إيلات وضعت القيادة العسكرية المصرية علي مفترق طرق خطير، وطالب المجلس العسكري بأن يختار بين مطالب الجماهير المصرية وإسرائيل.
وقال: «عندما يتعين علي الجيش المصري أو الحكومة المصرية أن يقررا إذا كانت مصلحتهما القومية توجد في السلام مع إسرائيل أم في السلام مع الجمهور، فإن الرد سيكون مختلفاً».
وأضاف أن الخط الأحمر الذي يحد حدود التدخل الجماهيري في السياسة الخارجية المصرية هو الخط الأحمر المهدد لإسرائيل، وأشار إلي أنهم في إسرائيل استطاعوا أن يستنتجوا أن النظام لا يعتزم تحويل هذا الحدث إلي اختبار قوة حيال إسرائيل أو إلي ترك حركات الاحتجاج تملي عليه السياسة الخارجية.
أما «أمير أورن» في صحيفة «هاآرتس» أيضاً، قال: «إن السلام مع مصر أصيب بشدة وشبهه بأنه أصبح مريضاً مثل حسني مبارك، الذي يستلقي في المحكمة في القاهرة»، وقال: «إن السلام مع مصر، العمود الفقري في الأمن الإسرائيلي منذ ثلاثة عقود، أصيب بشدة، مثل أي مصاب يستلقي في سريره في المستشفي في بئر وبقدر لا يقل عن ذلك مثل حسني مبارك، الذي يستلقي في المحكمة في القاهرة».
مؤكداً أن مبارك وجد صعوبة في فرض سيطرته علي سيناء، ولكن من ورثه «المجلس العسكري» يتملصون من ذلك تماماً.
وقال إنه بدون مبارك مع ملك أردني يخاف علي كرسيه (ويقاطع نتنياهو) مع إدارة أمريكية لا تؤمن بفكر حكومة إسرائيل، فإن ما سيأتي سيكون أسوأ بكثير.
وزعم ايلي بردنشتاين في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن السفير المصري في إسرائيل، ياسر رضا، حزم أمتعته استعداداً لعودته إلي القاهرة علي خلفية مقتل خمسة من أفراد الشرطة المصرية في إيلات ولكن في اللحظة الأخيرة تدخل في الأزمة رئيس المجلس العسكري «طنطاوي» وأضاف أنه حسب معلومات وصلت إلي «معاريف» استدعي طنطاوي رئيس الوزراء عصام شرف ووبخه بشدة وفرض عليه إلغاء القرار، وقال إن تدخل طنطاوي هي رغبة منه في منع التدهور في العلاقات بين الدولتين، أما وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك فأكد أنه لم ولن يعتذر لمصر علي مقتل الجنود الخمسة الذين سقطوا بنيران إسرائيلية الخميس الماضي، الأمر الذي أحدث توتراً في العلاقات بين الجانبين.
وقال باراك في مقابلة مع القناة التليفزيونية الثانية الإسرائيلية: «إن إسرائيل لن تعتذر، وأنا أيضاً لم أعتذر رسمياً ولكن ما حدث أنني أعربت فقط عن أسفي لسقوط قتلي وجرحي مصريين نتيجة لخطأ عسكري من القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي المرابطة علي الحدود المصرية، ويجري الآن التحقيق في ملابسات هذا الحادث، وجري التنسيق مع مصر علي إجراء التحقيقات الميدانية.
وأوضح أن الهجوم الذي وقع قرب إيلات كان محاولة لنصب كمين استراتيجي لإسرائيل بهدف تشويش العلاقات بينها وبين مصر، وأضاف باراك أن الوضع حساس ويجب التأكد من عدم المساس بمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين التي هي أكبر ذخر استراتيجي بالنسبة لإسرائيل.
وفي السياق ذاته، أكدت الكاتبة والمحاورة التليفزيونية الإسرائيلية «نحوومارك» أنه لا اعتذار لمصر عن الحادث وذلك في مقالها بصحيفة «يديعوت أحرونوت» وقالت في بداية مقالها: إن علي قادة إسرائيل أن يتذكروا أن للدولة الإسرائيلية «شرفاً» قومياً ينبغي عليهم الدفاع عنه، وتساءلت الكاتبة في مقالها هل أصبح تركيع إسرائيل علي ركبتيها ومطالبتها بالاعتذار رياضة دولية؟ وهل مشاعر الاحترام المتبادلة بين كثير من الدول قد تم تجريد إسرائيل منها فجأة؟ لقد بدأت تلك الرياضة مع عملية الرصاص المصهور والتي قامت بها إسرائيل في غزة سنة 2008 بعد أنهار الصواريخ عليها من القطاع، فقامت بالدفاع عن نفسها ـ الكلام للكاتبة ـ وعندما تم قتل مدنيين عن طريق الخطأ طلب من إسرائيل الاعتذار علي الفور، رغم أن الإسرائيليين قدموا وقتها الرعاية الطبية والتعويضات المالية لبعض الحالات، وجاءت المحطة الثانية ـ تضيف الكاتبة ـ مع قضية السفينة «مرمرة» وبعض الأمور الفرعية الأخري لقد قررت إسرائيل عدم السماح للناقلة البحرية بدخول ميناء غزة وحاول جنود غير مسلحين من جيش الدفاع الإسرائيلي وخلال تلك المحاولات للتغلب علي المتظاهرين المسلحين الذين أصابوا عدداً من قواتنا البحرية بجروح، ثم حدثت الكارثة فبدلاً من إدانة العنف طلبت تركيا من الحكومة الإسرائيلية الاعتذار وجمدت تركيا علاقاتها مع إسرائيل إلي تحت الصفر، وأصرت علي أن العلاقات لن تعود إلي حالة الدفء إلا بعد الاعتذار، وتستطرد الكاتبة قائلة: إننا يجب ألا نتبني المنهج المعيب لوزير الخارجية افيجادور ليبرمان الذي فرض وجهات نظره علي رئيس الوزراء إيهود باراك وجعل الأمور أسوأ وتحت عنوان فرعي يقول: «وماذا عن الاعتذار لمصر» تقول الكاتبة لقد اعتاد العالم أن يري إسرائيل تعتذر وقررت مصر اللحاق بالركب والسير علي النهج نفسه، إن حادث إيلات الذي أودي بحياة ثمانية من الإسرائيليين بين عسكريين ومدنيين جاء عبر الإقليم المصري، والقاهرة لا تستطيع أن تنكر ذلك لقد اضطرت إسرائيل إلي الرد باستخدام القوة، مما أسفر عن مقتل الجنود المصريين وربما يظهر تحقيق موسع لماذا فشل هؤلاء الجنود وقادتهم في منع الخلية الإرهابية التي قتلت الإسرائيليين في إيلات من التسلل إلي إسرائيل عبر الأراضي المصرية، وبدلاً من توضيح ذلك اللغز وما يقال عن أن سيناء أصبحت ميناء ترانزيت ـ حسب الكاتبة ـ لنقل الأسلحة القاتلة لقطاع غزة، طلبت مصر من إسرائيل الاعتذار وفشلت في منع المتظاهرين في محاصرة السفارة الإسرائيلية بالقاهرة ونزع العلم الإسرائيلي منها، إن تعبير وزير الدفاع باراك عن أسفه هو الذي أبقي السفير المصري بتل أبيب. وتختتم الكاتبة مقالها بأن السلام مع مصر أمر «هام» مثل علاقاتنا بتركيا لقد أعربت القاهرة وأنقرة عن أن شرفهما قد أهين ولكن حتي الآن لم يتحدث أحد عن الشرف القومي الإسرائيلي، علي حد زعمها.



ساهم في نشر محتوي الصفحه

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites